خادم السنة السبت أغسطس 29, 2009 9:45 am
وأنه سبحانه وتعالى لا موجود سواه إلا وهو حادث بفعله وفائض من عدله ، على أحسن الوجوه وأكملها ، وأتمها وأعدلها ، وأنه حكيم في أفعاله عادل في أقضيته ، لا يقاس عدله بعدل العباد ، إذ العبد يتصور منه الظلم بتصرفه في ملك غيره ولا يتصور الظلم من اللّه تعالى ، فإنه لا يصادف لغيره ملكاً حتى يكون تصرفه فيه ظلماً ، فكل ما سواه من إنسٍ وجن ومَلَكٍ وشيطان وسماءٍ وأرض وحيوانٍ ونبات وجماد وجوهرٍ وعَرَض ومدركٍ ومحسوس حادثٌ اخترعه بقدرته بعد العدم اختراعا ، وأنشأه إنشاء بعد أن لم يكن شيئا ، إذ كان موجوداً وحده ولم يكن معه غيره ، فأحدث الخلق بعد ذلك إظهاراً لقدرته ، وتحقيقاً لما سبق من إرادته ، ولِمَا حق في الأزل من كلمته ، لا لافتقاره إليه وحاجته ، وأنه متفضل بالخلق والاختراع والتكليف لا عن وجوب ، ومتطول بالإنعام والإصلاح لا عن لزوم ، فله الفضل والإحسان والنعمة والامتنان ، إذ كان قادراً على أن يصب على عباده أنواع العذاب ، ويبتليهم بضروب الآلام والأوصاب ، ولو فعل ذلك لكان منه عدلاً ولم يكن منه قبيحاً ولا ظلماً ، وأنه عز وجل يُثَبّت عبادَهُ المؤمنين على الطاعات بحكم الكرم والوعد ، لا بحكم الاستحقاق واللزوم ، إذ لا يجب عليه لأحد فعل ، ولا يتصور منه ظلم ، ولا يجب لأحد عليه حق ، وأن حقه في الطاعات وجب على الخلق بإيجابه على ألسنة أنبيائه عليهم السلام ، لا بمجرد العقل ، ولكنه بعث الرسل وأظهر صدقهم بالمعجزات الظاهرة ، فبلّغوا أمره ونهيه ، ووعده ووعيده فوجب على الخلق تصديقهم فيما جاءوا به ، وأنه بعث النبي الأمي القرشي محمداً صلى اللّه عليه وسلم برسالته إلى كافة العرب والعجم والجن والإنس فنسخ بشريعته الشرائع إلا ما قرره منها ، وفضله على سائر الأنبياء وجعله سيد البشر ، ومنع كمال الإيمان بشهادة التوحيد ، وهو قول "لا إله إلا اللّه" ما لم تقترن بها شهادة الرسول وهو قولك "محمد رسول اللّه" وألزم الخلق صديقه في جميع ما أخبر عنه من أمور الدنيا والآخرة ، وأنه لا يُقبل إيمانُ عبدٍ حتى يؤمن بما أخبر به بعد الموت ، وأوله سؤال منكر ونكير ، وهما شخصان مهيبان هائلان يقعدان العبد في قبره سويا ذا روح وجسد فيسألانه عن التوحيد والرسالة ويقولان له : من ربك وما دينك ومن نبيك ، وهما فتانا القبر وسؤالهما أول فتنة بعد الموت ، وأن يؤمن بعذاب القبر ، وأنه حق ، وحكمه عدل على الجسم والروح على ما يشاء ، وأن يؤمن بالميزان ذي الكفتين واللسان ، وصِفَتُهُ في العِظَمِ أنه مثل طبقات السماوات والأرض ، توزن الأعمال بقدرة اللّه تعالى والصنج يومئذ مثاقيل الذر والخردل تحقيقاً لتمام العدل ، وتوضع صحائف الحسنات في صورة حسنة في كفة النور فيثقل بها الميزان على قدر درجاتها عند اللّه بفضل اللّه ، وتطرح صحائف السيئات في صورة قبيحة في كفة الظلمة فيخف بها الميزان بعدل اللّه ، وأن يؤمن بأن الصراط حق ، وهو جسر ممدود على متن جهنم ، أحدّ من السيف وأدق من الشعرة ، تزل عليه أقدام الكافرين بحكم اللّه سبحانه فتهوي بهم إلى النار ، وتثبت عليه أقدام المؤمنين بفضل اللّه فيساقون إلى دار القرار ، وأن يؤمن بالحوض المورود حوض محمد صلى اللّه عليه وسلم يشرب منه المؤمنون قبل دخول الجنة وبعد جواز الصراط ، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا ، عرضه مسيرة شهر ، وماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل ، حوله أباريق عددها بعدد نجوم السماء ، فيه ميزابان يصبان فيه من الكوثر ، وأن يؤمن بالحساب ، وتفاوت الناس فيه إلى مناقَش في الحساب ، وإلى مسامح فيه ، وإلى من يدخل الجنة بغير حساب ، وهم المقربون فيسألُ اللّهُ تعالى من شاء من الأنبياء عن تبليغ الرسالة ، ومن شاء من الكفار عن تكذيب المرسلين ، ويسأل المبتدعة عن السنة ، ويسأل المسلمين عن الأعمال ، وأن يؤمن بإخراج المُوَحِّدين من النار بعد الانتقام ، حتى لا يبقى في جهنم مُوَحّدٌ بفضل اللّه تعالى ، فلا يخلد في النار موحّد ، وأن يؤمن بشفاعة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء ، ثم سائر المؤمنين ،كل على حسب جاهه ومنزلته عند اللّه تعالى ، ومن بقي من المؤمنين ولم يكن له شفيع أُخْرِجَ بفضل اللّه عز وجل فلا يخلد في النار مؤمن ، بل يخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان ، وأن يعتقد فضل الصحابة رضي اللّه عنهم وترتيبهم ، وأن أفضل الناس بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي اللّه عنهم ، وأن يحسن الظن بجميع الصحابة ويثني عليهم كما أثنى اللّه عز وجل ورسوله صلى اللّه عليه وسلم عليهم أجمعين ، فكل ذلك مما وردت به الأخبار وشهدت به الآثار ، فمن اعتقد جميع ذلك موقناً به ، كان من أهل الحق وعصابة السنة ، وفارَقَ رَهْطَ الضلال وحِزْبَ البدعة ، فنسأل اللّه كمال اليقين وحسن الثبات ، لنا ولكافة المسلمين ، برحمته إنه أرحم الراحمين ، وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، و الحمد لله رب العالمين.