بسم الله الرحمن الرحيم
أقوال الأئمة المفسرين من أهل السنة والجماعة في قول الله تعالى ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) وأنها ليلة النصف من شعبان في أحد القولين .
قال ابن عطية رحمه الله تعالى في تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (( واختلف الناس في تعيين الليلة المباركة، فقال قتادة والحسن: هي ليلة القدر، وقالوا: إن كتب الله كلها إنما نزلت في رمضان: التوراة في أوله، والإنجيل في وسطه، والزبور في نحو ذلك ونزل القرآن في آخره في ليلة القدر، ومعنى هذا النزول: أن ابتداء النزول كان في ليلة القدر، وهذا قول الجمهور. وقالت فرقة: بل أنزله الله جملة ليلة القدر إلى البيت المعمور، ومن هنالك كان جبريل يتلقاه. وقال عكرمة وغيره: الليلة المباركة هي النصف من شعبان.
وقوله: { فيها يفرق كل أمر حكيم أمراً من عندنا } معناه: يفصل من غيره ويتخلص، وروي عن عكرمة في تفسير هذه الآية أن الله تعالى يفصل للملائكة في ليلة النصف من شعبان، وقال الحسن وعمير مولى غفرة ومجاهد وقتادة: في ليلة القدر كل ما في العام المقبل من الأقدار والآجال والأرزاق وغير ذلك، ويكتب ذلك لهم إلى مثلها من العام المقبل. قال هلال بن يساف كان يقال: انتظروا القضاء من شهر رمضان. وروي في بعض الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم " إن الرجل يتزوج ويعرس وقد خرج اسمه في الموتى، لأن الآجال تقطع في شعبان ))
قال الثعالبي رحمه الله في تفسيره تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن
وقوله تعالى: { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } معناه يُفْصَلُ من غيره وَيَتَخَلَّصُ، فعن عِكْرِمَةَ أَنَّ اللَّه تعالَىٰ يَفْصِلُ ذلك للملائكة في ليلة النصف من شعبان، وفي بعض الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قال: " تُقْطَعُ الآجَالُ مِنْ شَعْبَانَ إلَى شَعْبَانَ، حَتَّىٰ إنَّ الرَّجُلَ ليَنْكِحُ وَيُولَدُ لَهُ، وَلَقَدْ خَرَجَ ٱسْمُهُ في المَوْتَىٰ " وقال قتادة، والحسن، ومجاهد: يُفْصَلُ في ليلة القدر كُلُّ ما في العامِ المُقْبِلِ، من الأقدار، والأرزاقِ، والآجال، وغير ذلك، و { أمْراً } نُصِبَ على المصدر.
قال الإمام عبد الرحمن بن الجوزي رحمه الله في تفسيره زاد المسير ({ في ليلةٍ مباركة } وفيها قولان:
أحدهما: أنها ليلة القدر، وهو قول الأكثرين، وروى عكرمة عن ابن عباس قال: أُنزلَ القرآنُ من عند الرحمن ليلة القدر جُملةً واحدةً، فوُضع في السماء الدنيا، ثم أُنزِلَ نجوماً. وقال مقاتل: نزل القرآن كلّه في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إِلى السماء الدنيا.
والثاني: أنها ليلة النصف من شعبان، قاله عكرمة. )) .
ومن هنا يتضح لك أخي الكريم أن الاختلاف في تعيين هذه الليلة موجود ، ولذلك من الأحوط للمسلم المحب للخير ، أن لا يدع فضيلة ليلة شعبان من قيام ودعاء وابتهال ، فالله سبحانه وتعالى يقول (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) ، فشمر في هذه الليلة الفاضلة واترك عنك أقوال المثبطين مما لا يملكون إلا إبعاد الناس عن دينهم وعن عبادة ربهم ، بداعي البدعة وخلاف السنة ، وقد تركوا بهذا القول واجبات قيام الليل وذكر الله كثيرا ودعاء الله تضرعا . والله أعلم